You are currently viewing الأعفاء الضريبي كعامل جذب للأستثمار الأجنبي في العراق

الأعفاء الضريبي كعامل جذب للأستثمار الأجنبي في العراق


الأعفاء الضريبي كعامل جذب للأستثمار الأجنبي في العراق

محتويات البحث

المبحث الاول:- تعريف الاستثمار الاجنبي ، انواعـه،مزايــاه،مبررات لجـوء الدول النامية له.
المبحث الثاني :- تحديــات الاستثمــار الاجنبي فــي العراق
المبحث الثالث :- هل الضرائب تعيق الاستثمار الاجنبي في العراق؟
المبحث الرابع :- اجراءات الاصلاح الضريبي المشجعة للاستثمـارالاجنبي في العراق
المبحث الخامس :- الملائمة بين جذب الاستثمار الاجنبي والمحافظة على الايرادات الضريبية

المبحث الأول
تعريف الاستثمار الاجنبي ،أنواعه،مزاياه،مبررات لجوء الدول النامية له.
اولا: تعريف الاستثمارالاجنبي
يمكن تعريف الاستثمار الاجنبي بانه قيام المستثمر الاجنبي (الطبيعي او المعنوي)بتوظيف  امواله النقدية اوالعينية في أي نشاط اقتصادي او مشروع استثماري في أي بلد اخر غير البلد الذي يقيم فيه وفق للقوانين السائدة في ذلك البلد .
ثانياً: انواع الاستثمار الاجنبي
يمكن تقسيم الاستثمار الاحنبي المباشر  حسب نوع المشاركة واسلوب دخوله الى السوق المحلي الى ثلاث انواع رئيسة  هي :- (1)
انشاء  شركات جديده او شراء شركات قائمة وتطويرها (شركات مساهمة ), او اقامة شركات مشتركه مع المستثمرين محليين . تتباين عوائد كل نوع من انواع الاستثمار الاجنبي المباشر على منظومة الاقتصاد المحلي على المدى القصير , وتتشابه على المدى البعيد .
1- الشركات الجديده :- وفق هذا النوع من الاستثمار يقوم المستثمر الاجنبي بانشاء شركة جديدة او فرع للشركة الام في نشاط اقتصادي معين لغرض الانتاج وتقديم الخدمات في الاقتصاد . ويحتفظ المستثمر بحق الادارة والتشغيل والتسويق وجميع الانشطة الاخرى التي تقع ضمن اختصاص الشركة
2- الشركات المساهمة:- ان هذا النوع من الاستثمار يتضمن قيام المستثمر بشراء نسبة من اسهم شركة محلية قائمة في سوق الاسهم او بالاتفاق المباشر مع الشركة المحلية التي ستساهم فيها ، بما يمكنها من السيطرة على ادارة الشركة لاجل تطوير اساليب انتاجها ونوعيته ، وهذا يساهم في تطوير الانتاج المحلي ورفع مستواه الى المستوى العالمي بما يحسن قدرته على المنافسة في الداخل والخارج .
3- الشركات المشتركة :- حيث تقوم الشركة الاجنبية ضمن نطاق هذا النوع بالاستثمار في السوق المحلي عن طريق مشاركة مستثمر او مجموعة مستثمرين في تاسيس شركة جديدة ضمن منظومة الاقتصاد المحلي . بتقاسم كل من المستثمر الاجنبي والمحلي راس المال،والاصول،والموارد،والادارة والتشغيل،وجميع الانشطة الاخرى الداخلة ضمن نطاق تحقيق الاهداف الاقتصادية للشركة المشتركة وحسب مساهمة كل منهما في راس مال الشركة.

ثالثاً : مزايا الاستثمار الاجنبي
للاستثمار الاجنبي العديد من المزيا نذكر منها :
1- نقل التكنلوجيا الحديثة الى الدول النامية مما يعزز في تطوير الانتاج المحلي من السلع والخدمات.
2- ومن الناحية الاجتماعية فانه يساعد على خلق فرص العمل وتشغيل الايدي العاملة مما يساهم في تخفيض معدلات البطالة .كما يساهم في زيادة الدخول للعمال ومن ثم زيادة طلبهم الاستهلاكي مما يرفع من درجة النشاط الاقتصادي .
3- توفير الاموال اللازمة للاستثمار ، اذغالبا ما تعاني الدول النامية من نقص التمويل وبالتالي فان الاستثمار الاحنبي يساعد على زيادة معدل الاستثمار الى المستويات التي تحقق النمو الاقتصادي المطلوب استغلال الموارد البشرية والمالية المتوفرة  في تلك الدول.
4- زيادة القدرة التنافسية للانتاج المحلي مما يساعد على مواجهة المنافسة الاجنبية في الداخل والقدرة على دخول الاسواق الخارجية. (1)
5- يمكن الاستثمار الاجنبي ان يزيد من النشاط الاقتصادي والفعاليات الاقتصادية المختلفة مما يوفر وعاء جديد للضريبة وهذا يساهم في زيادة الايرادات المالية للحكومة .
6- يساعد الاستثمار الاجنبي على تحسين نوعية الصادرات وزيادتها بما ينعكس ايجابا على ميزان المدفوعات في الدول المضيفة للاستثمار الاجنبي .

رابعاً: مبررات لجوء الدول النامية الى الاستثمار الاجنبي

تسعى اغلب الدول النامية الى الاستثمار الاجنبي للاسباب الاتية (1):-
1- الحاجة الى التمويل :-

تنشا الحاجة الى الاستثمار الاجنبي لمعالجة اوجه القصور الداخلي التي تعود الى الاسباب الاتية :-

أ- نخفاض حصيلة الصادرات التي يمكن ان تعزى بشكل اساسي الى اعتماد اغلب الدول النامية على تصدير سلعة اولية وحيدة تمثل المورد الرئيسي للعملات الاجنبية التي يمكن ان تساهم في تمويل الاستثمار كالنفط الخام والمعادن الاخرى والسلع الزراعية الاساسية . وعند تعرض اسعار هذه السلع الى الانخفاض نتيجة لعوامل العرض والطلب فقد تنخفض ايرادات الصادرات وهذا ما يحدث دائما ، وعليه تكون الحاجة قائمة للاستثمار الاجنبي لسد العجز في تمويل الاستثمار.
ب- انخفاض الدخول في الدول النامية وارتفاع الميل الحدي للاستهلاك مقابل انخفاض الميل الحدي للادخار الذي يجعل من الصعب الاعتماد على الادخارات المحلية لوحدها في تمويل التنمية.

ج- ضعف الاجهزة المصرفية الوطنية وصغر حجمها وقلة عددها وعدم قدرتها على تعبئة الادخارات،مما يؤدي الى ضعف مدخرات وعدم مواكبتها للحاجة للاستثمارات المحلية ، وهذا يجعل الحاجة للاستثمار الاجنبي ضرورية لرفع النشاط الاقتصادي .

د- ضعف المدخرات المحلية وسوء استخدامها اذ تنتشر عادة الاكتناز واتجاه اغلب الاستثمارات الى المضاربة في العقارات وشراء العملات الاجنبية والذهب.
هـ- عدم تطور الاسواق المالية في اغلب الدول النامية على الرغم  من اهميتها في توفير ادوات استثمارية في السوق المحلية   وعليه فان دخول الاستثمارات الاجنبية وانشاء الشركات ووضع اسهمها  في السوق المالية سيؤدي الى تطوير الاسواق المالية المحلية.

2- ارتفاع حجم السكان ومعدل النمو السكاني

يفرض ارتفاع معدل النمو السكاني تحديا على الدول النامية لزيادة حجم الاستثمار وزيادة معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي بشكل يفوق الزيادة السكانية فضلا عن ان الزيادة السكانية تولد الحاجة الى زيادة الانفاق على راس المال البشري (التعليم،الصحة،التدريب) وبالتالي قد يحدث نقصا في الاستثمار في مجالات الاقتصادية اخرى كالزراعة والصناعة والانشاءات وهذا يؤدي الى زيادة الحاجة الى راس المال الاجنبي لسد النقص في الاستثمار ومن ناحية اخرى يمكن النظرالى ارتفاع  معدل النمو السكاني عامل جذب للاستثمار الاجنبي المباشر الساعي للكفاءة لانخفاض الاجر لان ذلك سيقلل من كلفة العمل وربما ترتفع الانتاجية اذا تحقق تدريب كافي للقوى العاملة .

المبحث الثاني

تحديات الاستثمار الاجنبي في العراق

يحتل الاستثمار الاجنبي اهمية كبيرة في اقتصاديات الدول كافة ،لا سيما بعد الانفتاح الاقتصادي والعولمة التي يمر بها العالم .وتزداد هذه الاهمية بالنسبة للدول النامية لما يوفره من مزايا اقتصادية واجتماعية لهذه الدول .

وكما ذكرنا سابقا فان للاستثمار الاجنبي عدة مزايا اقتصادية واجتماعية الا ان بالرغم من ذلك فانه يواجه العديد من الصعوبات ويلاقي معارضة من الذين يعتبرون الاستثمار الاجنبي هو سيطرة راس مال الاجنبي على المفاصل الاقتصادية في تلك البلدان ، وبالتالي تفقد هذه البلدان سيطرتها على مقدرتها الاقتصادية،ولكن تبقى مزاياه الايجابية اكبرمن سلبياته .

ومن هذا المنطلق فقد شرع  العراق في وضع الاليات اللازمة لتشجيع الاستثمار الاجنبيفي العراق وكانت نقطة البداية في ايجاد السند القانوني لعملية الاستثمار الاجنبي ،فقد بذلت جهود كبيرة في هذا المجال من قبل الوزارات العراقية تكللت باصدار قانون الاستثمار الاجنبي   رقم (13) لسنة 2006 والتي انبثقت منه هيئة الاستثمار الوطنية والان وبعد مرور سنتين نود الاشارة الى اهم الصعوبات التي واجهت وتواجه عملية الاستثمار الاجنبيفي العراق ، وهي الاتي (1):-

اولا: الامن :- ان فقدان الامن من العوامل الطاردة بشدة للاستثمار الاجنبي اذ من المعلوم ان راس المال يبحث او يتجه نحو المناطق الاكثر امنا فبالتالي هناك علاقة طردية بين توفر الامن والاستثمار الاجنبي .وقدر تعلق الامر بالعراق فقد عانى في السنوات السابقة من فقدان الاستقرار الامني . ولكن وبعد خطة فرض القانون فان الوضع الامني قد تحسن عن السابق وهو يتجه الى المزيد من التحسن مما يسجل نقطة ايجابية في صالح تشجيع الاستثمار الاجنبي .

ثانياً : البنى التحتية :- مما لا شك فيه ان البنى التحتية المتمثلة( بالطاقة الكهربائية والوقود والنقل وبناه التحتية من موانىء بحرية ومطارات وسكك حديد وطرق وجسور وخدمات الاتصالات وخدمات مالية ومصرفية وتامين وتوفير مياه ) فان جميعها تشكل حزمة من العوامل المشجعة للاستثمار الاجنبي ويلاحظ ان العراق يعاني نقصا في البنية التحتية المشجعة للاستثمار الاجنبي خصوصا في مجال الطاقة الكهربائية وسهولة الحصول على الوقود ، وضعف الخدمات المصرفية وعدم تطورها بالدرجة الكافية بما يوازي دول الجوار على الاقل .
ومن هنا لابد ان تقوم الدولة بواجبها من خلال الاستثمار العام باعادة البنى التحتية القائمة وزيادتها بما يتلام مع الزيادة في عدد السكان في العراق كي تشجع على الاستثمار الاجنبي .ومن الجدير بالذكر ان الدولة تسعى الى توفير التمويل اللازم لهذا الغرض من خلال الموازنة الوطنية والقروض الخارجية اذ تم تخصيص مبالغ القروض  الميسرة التي حصل عليها العراق لاعادة اعمار البنى التحتية ومن المؤمل ان يساهم ذلك في تامين جانب من البنى التحتية اللازمة لتحفيز الاستثمار الاجنبي .

ثالثا : البيانات الاحصائية :- تعد البيانات الاحصائية عن الاقتصاد الكلي في أي بلدمن الامور المهمة جدا للاستثمار الاجنبي لمعرفة مجالات الاستثمار والجدوى الاقتصادية للمشاريع الاستثمارية وهذا ما لايمكن تحققه الا بتوفير البيانات من مكونات الناتج المحلي الاجمالي من زراعة وصناعة وتجارة ونقل وخدمات ……الخ
ومعدلات التضخم السائدة واحصائات مالية حكومية من اجل التعرف على السياسة المالية للدولة والتوجهات الضريبية. وكذلك احصائات المسح النقدي من اجل التعرف على السياسة النقدية وتحديد سعر الفائدة بالاضافة الى احصائيات التجارة الخارجية لمعرفة الاستيرادات والصادرات من السلع والخدمات بما يعكس الهيكل الاستهلاكي والانتاجي للبلد .عليه لابد من توفير خارطة استثمارية للعراق تؤشر عليها اماكن وانواع الفرص الاستثمارية المتوفرة والترويج لها ، علاوة على توفير البيانات الاحصائية وفق المعايير الدولية .

رابعا :الاطار القانوني :- على الرغم من تشجيع او سن قانون الاستثمار الاجنبي رقم(13) لسنة 2006 فانه يحتاج الى اصدار التعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ هذا القانون بالصورة التي تساعد على انسياب الاستثمارات الاجنبية  باتجاه الفرص الاستثمارية بسهولة ويسر .

خامساً: الفساد الاداري :- تواجه عملية الاستثمار الاجنبي في أي مكان مشكلة الفساد المالي والاداري وذلك من خلال الرشوة والعمولات غير القانونية ولا يستثنى العراق من ذلك وعليه لابد من اتخاذ الخطوات اللازمة التي تعزز عمل الدوائر الرقابية ونشر ثقافة النزاهة .

سادساً : ارتفاع الاجور :-  يلاحظ ان الاجور في القطاع الخاص تسير نحو الارتفاع بصورة عامة على الرغم من البطالة المنتشرة في العراق نتيجة تسارع معــــــدلات التضخم من ناحية وزيادة الاجور في القطاع العام من ناحية اخرى وبالتالي سيشكل تحديا مستقبليا للاستثمارالاجنبي ، وقد يزداد هذا الامر تعقيداًعند قدوم الاستثمارات الاجنبية وممارسة نشاطها على ارض الواقع .

المبحث الثالث

هل الضرائب تعيق الاستثمار الاجنبي في العراق ؟
تناولنا في المبحث السابق التحديات التي تواجه الاستثمار الاجنبي في العراق ، وقد استثنينا من ذلك موضوع الضرائب لكونها تحتاج الى مناقشة خاصة بسبب عدم القدرة على الجزم بان الضريبة تعوق الاستثمار او لا تعوقه .
ومن اجل تحقيق ذلك لابد من النظر الى الضريبة على الشركات في القانون العراقي ، اذ تعد الضريبة على الشركات احدى انواع الضرائب على الدخل ضمن الهيكل الضريبي في العراق وتشمل شركات الاموال (الشركات المساهمة المختلطة والخاصة والشركات المحدودة ، وكذلك ضريبة الدخل الفردي وشركات الاشخاص.

اولا : ضريبة شركات الاشخاص:-  ويتكون وعاء هذه الضريبة من شركات البسيطة ،التضامنية والشركات الفردية.
لقد مرت المعدلات الضريبية خلال الفترة 1996- 2002 بمرحلتين من التعديلات الضريبية ، اذ كان معدل الضريبة بموجب القانون رقم 17 لسنة 1994 يتراوح بين 10% كحد ادنى و50% كحد اعلى وقد تم تعديل هذه المعدلات بموجب القانون رقم 25 لسنة 1999 اذاصبح الحد الادنى 10% والحد الاعلى 40% .
وفيما يلي الجداول التي تمثل النسب الضريبية لهذه الفترتين:-

جدول يمثل الاسعار الضريبية للدخول المتحققة للفترة 1995-1999 وفق القانون رقم 17 لسنة 1994.

الشريحة النسبة الضريبية للدخل الفردي
اول 25000 دينار 10%
من 25000دينار لغاية 70000دينار 15%
من 70000 دينار لغاية130000دينار 20%
من 130000 دينار لغاية210000دينار 25%
من 210000 دينار لغاية330000دينار 30%
من 330000 دينار لغاية450000دينار 35%
من 450000 دينار لغاية600000دينار 40%
من 600000 دينار لغاية750000دينار 45%
ما زاد عن 750000دينار 50%

 

جدول يمثل اسعار ضريبة الدخول الفردية للفترة 2000-2003 تقديرية بموجب القانون رقم 25 لسنة 1999

الشريحة النسبة الضريبية للدخل الفردي
اول 250000 دينار 10%
من 250000دينار لغاية 1000000دينار 20%
من 1000000 دينار لغاية2000000دينار 30%
مازاد عن 2000000دينار 40%

 

ثانيا : ضريبة الشركات : ويتكون وعاء هذه الضريبة من الارباح الناجمة عن الدخل المتحقق من اعمال شركات الاموال المساهمة (المختلطة ،الخاصة) والمحدودة .
لقد كانت المعدلات الضريبية للفترة 1996-2002 وفق النسب الاتية (1)

جدول يوضح ضريبة الدخل في العراق للشركات المساهمة (المختلطة ،  الخاصة)والمحدودة

الشركة النسب الضريبية للشركات
المحدودة المساهمة الخاصة المساهمة المختلطة
لغاية 15000000دينار 15% نسبة مقطوعة 25% من الدخل وبدون فئات نسبة مقطوعة 25% من الدخل وبدون فئات
من 15000000دينار الى 3000000دينار 25%
من 3000000دينار فاعلى 35%

من الجداول السابقة يتبين لنا ان معدلات الضريبة العليا تتراوح بين 35-50% وهي بلا شك معدلات مرتفعة جدا ،لا يمكن ان تحفز الاستثمار الاجنبي بالدخول الى الاقتصاد العراقي ،لان غالبا ما يسعى القطاع الخاص الى تحقيق الارباح من استثماراته ، وبالتالي اذا وجد ان معدلات ضريبية سوف تستقطع نصف ارباحه او اقل فانه سوف لا يقدم على الاستثمار في البلد الذي تكون فيه معدلات الضريبة.
من هنا يمكن القول بان الضرائب في العراق لغاية السنة 2002 كانت غير محفزة للاستثمار الاجنبي ، وربما يعود ارتفاعها في ذلك الحين الى عدم امكانية تحقق استثمار اجنبي في العراق بسبب الحصار الاقتصادي من ناحية ، واستغلالها في زيادة حصيلة الايرادات العامة من ناحية اخرى.

المبحث الرابع

اجراءات الاصلاح الضريبي المشجعة للاستثمار الاجنبي في العراق

توصلنا في المبحث السابق ان الضرائب السائدة على الشركات في العراق قبل عام 2003 تعد معوقة للاستثمار الاجنبي وبالتالي لا بد من اصلاحها من اجل تشجيع الاستثمار في الاقتصاد العراقي سواء كان محليا او اجنبيا ، لذلك سعت الهيئة العامة للضرائب الى تخفيض المعدلات الضريبية السائدة قبل عام 2003 الى مستويات مناسبة .

واهم الاجراءات التي تم اتخاذها هي الاتي:-
اولا :-
استنادا الى الامر رقم 49 لسنة 2004 (1) وبموجب الفقرة أ من (1) من القسم (3) منه ، تم اخضاع الشركات المحدودة والمساهمة والشركات الاجنبية في العراق اوتلك التي لها مؤسسة دائمة في العراق لضريبة على دخلها بنسبة 15% وبالتالي فقد تم تخفيض معدل الضريبة من 35% الى 15% وهذا مستوى مناسب جدا ومشجع للمستثمرين .
ثانيا:- تخفيض الضريبة على دخل الافراد بشكل كبير جدا ، اذكانت تتراوح بين(10 -40) % واصبحت بموجب الامر المذكور اعلاه تتراوح بين( 3-15)% فقط .
ثالثا :الضرائب الكمركية:- تم تعليق جميع الرسوم الكمركية المفروضة على الاستيرادات الى العراق بموجب الامر رقم( 38) لسنة 2003 (2) والذي تم تاكيده بالامر (54) لسنة 2004 واستبدال جميع الرسوم الكمركية المفروضة على الاستيرادات بفرض ضريبة اعمار قدرها 5% على جميع البضائع المستوردة الى العراق من جميع الدول وابتداءً من 1/1/2004.(3) مع اعفاء بعض البضائع مثل المواد الغذائية والادوية والادوات الطبية والملابس والكتب . وياتي هذا التخفيض الكبير بعد ان كانت معدلات الضريبة الكمركية تتراوح بين 1%-200%.

رابعاً :- اقرار قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 (1)
الذي تضمن الاعفائات وكما ورد في المادة 15 من القانون المذكور :-

• يتمتع المشروع الحاصل على اجازة استثمار من الهيئة الوطنية للاستثمار بالاعفاءمن الضرائب والرسوم لمدة (10) سنوات من تاريخ بدا التشغيل التجاري وفق المناطق التنموية .
• يمكن لمجلس الوزراء اقتراح مشاريع قوانين لتمديد ومنح اعفاءات اضافية او مزايا اخرى لاي مشروع او قطاع  او منطقة .
• للهيئة الوطنية للاستثمار زيادة عدد سنوات الاعفاء من الضرائب والرسوم لتصل الى( 15) سنة اذا كانت نسبة مساهمة المستثمر العراقي في المشروع اكثرمن (50%) .
كما شملت الاعفاءات الضرائب الكمركية كما وردت في المادة (17) من القانون وكالاتي :-
• اعفاء الموجودات المستوردة لاغراض المشروع الاستثماري من الرسوم على ان يتم ادخالها الى العراق خلال(3) سنوات من تاريخ منح اجازة الاستيراد .
• اعفاء الموجودات المستوردة اللازمة لتوسيع المشروع او تطويره او تحديثه من الرسوم اذا ادى ذلك الى زيادة الطاقة التصميمية .
• اعفاء قطع الغيارالمستوردة لاغراض المشروع من الرسوم على ان لا تزيد قيمة هذه القطع عن 20% من قيمة شراء الموجودات .
• منح اعفائات اضافية لمشاريع الفنادق والمؤسسات السياحية والمستشفيات والمؤسسات الصحية والمؤسسات التربوية من رسوم استيراد الاثاث والمفروشات واللوازم لاغراض التحديث والتجديد مرة كل (4) سنوات.

خامساً:- التميز بين التجارة داخل العراق والتجارة مع العراق:-
لقد عانى التجار والمصدرين الى العراق من التطبيق غير الواضح لقانون ضريبة الدخل قدر تعلق الامر بالتجارة مع العراق ، وكانت تعامل كتجارة داخل العراق وبالتالي تخضع للضريبة مما لا يشجع على زيادة التعاملات التجاريةوفتح المكاتب للشركات الاجنبية داخل العراق ،وقد عالجت تعليماتتحاسب الضريبي للعقود المبرمة بين جهات تعاقد العراقية والاجنبية رقم(2)لسنة  2008 (1) الموضوع بصورة جعلت الفصل بين الموضوعين اكثر وضوحا بحيث تعد متاجرة مع العراق لا تخضع لضريبة الدخل العقود المبرمة مع الجهات الاجنبية مع مراعات ما ياتي :-      
1. اذا كان المجهز الاجنبي مقيم خارج العراق وتم ابرام العقد وتوقيعه خارج العراق واستوفى متطلباته القانونية باسم الجهة العراقية كفتح الاعتماد وتخليص قوائم الشحن وما يتصل بها من اجراءات .
2. اذا كان للمجهز الاجنبي غير المقيم فرع او مكتب تمثيل في العراق وتم ابرام العقد وتوقيعه خارج العراق وفقا لما ورد في البند (1) من هذه المادة اذا لم يكن الفرع او المكتب طرفا في ابرام العقد او تنفيذه فيقتصر التحاسب الضريبي على العمولات او الاجور المتحققة للمخول او الفرع او الوكيل .
3. المبالغ المدفوعة عن العقود التي تتضمن الخبرة او الخدمات خارج العراق (كالاشراف على الشحن او فحص المعدات او تقديم الاستشارات ) .
مما تقدم نجد ان المشرع العراقي وبتعاون تام مع الهيئة العامة للضرائب في وزارة المالية كان كريما في منح التخفيضات والاعفاءات من الضرائب المباشرة وغير المباشرة للمستثمرين الخارجيين من اجل تحفيزهم للاستثمار في العراق ، لا سيما ما جاء في قانون الاستثمار رقم (13) لسنة 2006 بالاعفاء الكامل ولمدة (10)سنوات .

المبحث الخامس
الملائمة بين توفير المناخ الاستثماري والمحافظة على الايرادات الضريبية
من خلال دراسة الاعفاءات والتخفيضات التي جرت على المعدلات الضريبية التي اشرنا اليها في المبحث السابق ، تجعل القارىء يعتقد بان الضرائب تشكل عائقا للاستثمار الخارجي  في العراق وانه منح هذه الاعفاءات سوف يجذب الاستثمار الخارجي وتوفر المناخ الاستثماري الملائم .فالى أي مدى يكون هذا الاعتقاد صحيحا  ،وكيف يمكن اثبات ذلك ؟ سنحاول في هذا المبحث الاجابة على التساؤلات الواردة اعلاه. اذ يمكن القول ان هناك من يؤيد منح الاعفاءات الضريبية وله مبرراته وحججه الداعمة لهذا الراي وعلى الطرف الاخر هناك من يعارض منح اعفائات كبيرة من الضرائب بحجة تشجيع الاستثمار وله مبرراته وحججه الداعمة في هذا المجال .

اولا : الاراء المؤيدة :-  يرى المؤيدون منح اعفاءات ضريبية كبيرة للمستثمرين الخارجيين لان ذلك يعود للاسباب الاتية :-

1. ان المستثمر الخارجي يكون غالبا من القطاع الخاص الذي يسعى الى تحقيق الارباح دوما ، ولما كانت الضريبة تمثل اقتطاعا ماليا من ارباحه فان اعفاءه منها سوف يزيد من ارباحه المتوقعة وبالتالي تمثل عامل جذب للمستثمر للدخول في الاستثمارات في العراق .
2. ان الضرائب في العراق لا تشكل عنصرا اساسيا في الايرادات العامة للدولة ، اذ لا تزيد نسبة مساهمتها في تمويل الموازنة العامة عن 8% سنويا وبالتالي فأن اعفاءالمستثمرين الأجانب منها سوف لن يشكل نقصا كبيرا في الايرادات العامة يؤثر سلبا على تمويل الموازنة العامة.
3. ان العراق بلد يعتمد في ايراداته على النفط الخام لغاية سنة 2008 كما وان الايرادات الضريبية التي ارتفعت اسعارها بشكل متواصل منذ عام 2004  وهذا ما زاد من يقين المشرع بان الاعفاء الضريبي للمستثمرين الخارجيين سوف لن  تكون له اثار سلبية على الاقتصاد العراقي .

4. ان العراق يعاني من نقص كبير من الجوانب الجاذبة للاستثمارلا سيما البنى التحتية ، وبالتالي يكون الاعفاء من الضرائب الامتياز الافضل الذي يمكن تقديمه للمستثمر الخارجي خلال هذه الفترة .

ثانيا: الاراء المعارضة:- يعتمد المعارضون لمنح اعفاءات ضريبية كبيرة المبررات والحجج الاتية :-
1. ان منح المستثمر الخارجي اعفاءات ضريبية واسعة في العراق قد لا يعني ان دخله وارباحه المتحققه عن استثماراته هذه سوف لن تخضع للضرائب في بلده الام ، وهذا يعني ان الاعفاء الضريبي من جانب واحد لا يشجع الاستثمار الخارجي ولا يصب في مصلحة المستثمر اذا لم يحصل على الاعفاء من الضرائب في بلده او البلد الذي يكون مقر عمله الدائم فيه عن الدخول التي يحققها من استثماراته في العراق ، وبخلافه يجب ان لا تتنازل عن الايرادات التي يمكن تحقيقها من الضرائب لصالح الدول الاخرى. (1) ان كثرة الاعفاءات يؤثر سلبا على تطبيق القانون الضريبي في العراق ، ويفسح المجال امام التهرب الضريبي وفتح مجال للتحايل على تنفيذ القانون اذا لم تكن هناك رقابة قوية ، كما انه يفرغ دور الضريبة الاقتصادي من محتواها .
2. تبرز اهمية الايرادات الضريبية بتوفير الايرادات  بالعملة المحلية لمواجهة النفقات بالعملة المحلية ، وافساح المجال لتوجيه الايرادات بالعملة الاجنبية لتمويل بناء راس المال المادي بدلا من انفاقها على الانفاق الجاري ، وهذا يجسد الدور الاقتصادي المهم للضرائب الذي يخفى على غير المختصين في تحقيق التوازن الاقتصادي وتقليل الضغوط التضخمية خصوصا في البلدان التي تعتمد على الايرادات النفطية.
3. ان الايرادات النفطية غير مستقرة نظرا للتقلبات الكبيرة في اسعار النفط الخام ومشتقاته مما يجعل اعداد الموازنة العامة يواجه صعوبات كبيرة ويضع القائمين عليها في حرج كبير عند تراجع اسعار النفط الخام .
4. ان الادارة الضريبية قامت بتخفيض معدلات الضريبة على الشركات الى 15% كحد اعلى وهذا المعدل يقل كثيرا عن معدلات الضريبة في الدول المتقدمة وربما حتى الدول النامية، وقد يكون هذا المعدل يوازن بين جذب الاستثمار والمحافظة على ايرادات ضريبية معينة .
5. ان الحصول على الايرادات الضريبية من خلال فرضها على الاستثمار الخارجي يساهم في توفير الاموال اللازمة لتمويل اعادة تاهيل البنى التحتية اللازمة لتشجيع الاستثمار والتي تعد من العوامل المشجعة للاستثمار الاجنبي للبلد.

في ضوء ما تقدم من اراء تؤيد الاعفاء الضريبي واخرى  تعارض ……اين نقف نحن  منها ؟ نعتقد بان الراي يميل الى تاييد ما ذهب اليه المشرع العراقي وايدته الهيئة العامة ووزارة المالية من منح اعفاءات واسعة وتخفيض في معدلات الضريبة ، وذلك للاسباب الاتية :-

1. كثرة تحديات التي تواجه المستثمر الخارجي في العراق لاسيما في مجال البنى التحتية ، وهذا يجعل منح الاعفاءات امرا محبذا في مثل هذه الحالات .
2. عدم التوصل الى توقيع اتفاقيات تجنب ازدواج ضريبي وتشجيع الاستثمار مع الدول المتقدمة والدول المجاورة ، لاسيما مع الدول التي تعتبر شريكا اقتصاديا للعراق ، وان كانت هناك بعض الاتفاقيات الموقعة مع بعض الدول الا ان اليات تطبيقها لم توضع حيز التطبيق .
3. ان الاعفاء من الضريبة كان ضمن مدى زمني محدد هو (10)سنوات قابلة للتمديد لمدة (5)سنوات اخرى ، وهذا يعني ان الاعفاء ليس دائما وانما مؤقتاً.
وفي الختام لابد من الاشارة الى ان هذا البحث جاء لتقويم منح الاعفاءات الضريبية في تشجيع الاستثمار من الناحية النظرية والاقتصادية فقط، اذ لم نلمس قيام استثمارات اجنبية في العراق خلال الفترة السابقة .

المصادر

1-” د. الحديثي،صلاح الدين حامد ، الاعفاء الضريبي هل يشجع الاستثمار الاجنبي ،مجلة  التجارة العدد الثامن اب 2008
2- د. الحديثي،صلاح الدين حامد ، تحديات الاستثمار الاجنبي في العراق ،جريدة الصباح ،العدد 1496 في 22/9/2008
3- الياس ،ايمان احمد حسن،السياسة الضريبية في ظل برامج صندوق النقد الدولي (العرق،حالةدراسية للفترة 2003-2005)
4-” العلوي صباح عبد الوهاب معين،دور الاستثمار الاجنبي في التنمية الاقتصادية مع التركيز على بنوك الاوقشور . مملكة البحرين حالة دراسية ،رسالة مقدمة مجلس المعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية/جامعة بغداد

5- الاسواق العربية د.محمد بن ناصر الجديد www.alaswaq.net
6-مجلة الوقائع العراقية العدد 3980 ،ايلول 2003
7- مجلة الوقائع العراقية العدد 3981 شباط 2004
8- مجلة الوقائع العراقية العدد 3982 مايس 2004
9- مجلة الوقائع العراقية العدد 4031 ،2007
10- مجلة الوقائع العراقية العدد 4084 في 5/8/2008
 11- OECD,TAX  EFFECTS ON FOREIGN DIRECT INVESTMENT ,OECD  OBSERVER ,FEB.2008 .